تسعى الدول لخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة الناتجة من استخدام الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء والحرارة -بمقدار النصف تقريبًا- لتجنّب أسوأ تغير مناخي بحلول عام 2030، والوصول مستوى صفر بحلول عام 2050. وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذه الغازات تساهم بشكلٍ رئيسي في التغير المناخي بنسبة 75%، و90% من مجمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
لذلك فإن الجهود تتوجه نحو الطاقة المتجددة، وهي البديل الأمثل لتحقيق هذا الهدف العالمي. كما أن الطاقة المتجددة تمكّن البلدان من التخلّص من الاعتماد على الواردات، ما يسمح لها بتنويع اقتصاداتها وحمايتها من التقلبات غير المتوقعة في أسعار الوقود الأحفوري، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وخلق فرص عمل، والتخفيف من حدّة الفقر.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 انضمت المملكة إلى مبادرة الولايات المتحدة ببلوغ الحياد المناخي بحلول عام 2050، مستهدفة بذلك الحياد الصفري المناخي بحلول 2060. وبحسب مؤسسة «ماي كلايمت» السويسرية فإن الحياد الصفري يقصد به «التحوّل إلى اقتصاد بصافي صفر من انبعاثات غازات الدفيئة».
وفي مشاريع السعودية وضمن رؤية السعودية 2030 التي أطلقها ولي العهد «محمد بن سلمان» عام 2016، فإن الاستدامة بشكلٍ عام تعدّ محورًا رئيسيًا في التخطيط وتأسيس البنية التحتية، وتطوير السياسات والاستثمار، والتي تتضمن تقليل اعتماد المملكة على الصناعات النفطية، وتنويع الاقتصاد. وضمن رؤية السعودية 2030 في مجال الطاقة، نشأت عدّة مشاريع طموحة لتحقيق رؤية المملكة في الحياد الصفري المناخي.
أبرز مشاريع السعودية في الطاقة المتجددة
تتميز المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي ومناخي يمكّنها من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي ستساعد في دعم الاقتصاد وتعزيز جهود المملكة في مجال تنويع مصادر الطاقة. أبرز هذه المشاريع:-
- محطة سكاكا للطاقة الشمسية
يقع المشروع في منطقة الجوف، على مساحة 6 كم مربع، ويتكون من 1.2 مليون لوح شمسي. وبما أن المشروع ضمن رؤية المملكة 2030 في مجال الطاقة، فإن أبرز أهدافه هي المحافظة على البيئة من خلال خفض الانبعاثات الكربونية بمعدل 606 ألف طن سنويًا، والمساهمة في إزاحة الوقود السائل وإيجاد مزيج الطاقة الأمثل، وصياغة ملامح الاقتصاد الدائري للكربون.
يغطي المشروع 44 ألف وحدة سكنية بسعة إنتاجية تقدّر بـ 300 ميجاواط، وتقدّر نسبة العاملين السعوديين في فريق تشغيل المحطة 97%، كما قدّم المشروع تعرفة قياسية عالمية في قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بلغت 8.775 هللة/ للكيلوواط في الساعة.
- محطة دومة الجندل لتوليد الطاقة بالرياح
أنشأت المحطة -التي بدأ ربطها بشبكة الكهرباء الرئيسية وتشغيلها في سبتمبر/ أيلول 2019- لإنتاج 50% من الكهرباء في السعودية ضمن رؤية السعودية 2030.
تعدّ محطة دومة الجندل أول محطة لتوليد الكهرباء بالرياح في المملكة، والأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، إذ تضم 99 توربينة رياح صممتها شركة «فيستاس»، أكبر الشركات المختصة في تصنيع توربينات الرياح في العالم. تبلغ القدرة الإنتاجية للمحطة 400 ميجاواط، ما يكفي لتشغيل 75 ألف منزل، كما ستساهم في خفض انبعاثات الكربون بمعدل 988 ألف طن سنويًا.
- الطاقة الذرية السليمة
تنويع مصادر الطاقة وتعظيم أثرها الإيجابي على الاقتصاد والبيئة تعدّ من العوامل الهامة والمفيدة لإدخال الطاقة الذرية للمملكة. لذا فإن مدينة الملك عبد العزيز للطاقة الذرية والمتجددة تعمل على وضع وتنفيذ الخطط الوطنية لتمكين الطاقة الذرية السليمة من المساهمة في مزيج الطاقة الوطني، وذلك من أجل تلبية متطلبات التنمية الوطنية المستدامة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، وأيضًا تعزيز دور المملكة دوليًا بوصفها رائدة وفاعلة في مجال الطاقة.
كما ستسهم الطاقة الذرية السليمة وتطبيقاتها في توليد الكهرباء، والمساهمة في معالجة بعض التحديات التي تواجه المملكة مثل الشح المائي، وذلك من خلال التوسّع في استخدام الطاقة الذرية لتحلية المياه المالحة.
يتكوّن المشروع من أربعة مكونات أساسية تشمل:
- المفاعلات النووية الكبيرة بقدرة كهربائية تقدّر ما بين 1200 و1600 ميجاواط من السعة الكهربائية للمفاعل الواحد.
- توطين تقنيات وبناء المفاعلات الذرية الصغيرة المدمجة، التي تمكّن المملكة من تملُّك وتطوير تقنيات الطاقة الذرية وبنائها في أماكن منعزلة عن الشبكة الكهربائية.
- دورة الوقود النووي التي تمثّل الخطوة الأولى للمملكة في طريق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي.
- التنظيم والرقابة.
لم تتوقف مشاريع السعودية في الطاقة المتجددة إلى هنا، بل تتوسع بمرور الوقت لتشمل مشاريع أخرى ضمن إطار تحقيق مزيج طاقة مستدام يساعد المملكة على مواجهة الانبعاثات الضارة.