تتوقع تقارير غربية استمرار الاقتصاد الروسي في الانكماش في عام 2023. مدفوعًا بانخفاض عائدات الدولة من الطاقة، واستمرار تخارج الشركات الدولية التي ساهمت بنسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، فضلًا عن تجميد المؤسسات المالية وتقليل الاستثمار في السوق لنقص التمويل.
لكن السيناريو الأسوأ الذي قد يواجهه الاقتصاد الروسي، هو الذي حددته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. والتي تتوقع انخفاضًا بنسبة 5.6 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي لروسيا. ومع ذلك، يتوقع البنك الدولي أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 3.3٪. بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة صغيرة هذا العام.
دعوات إلى استخدام أموال روسيا المجمدة لإعادة بناء أوكرانيا
غير أن روسيا تخاطر بخسارة أكثر من 300 مليار يورو من الأموال المجمدة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022. خاصة مع دعوة الرباعي الحليف الأقرب لأوكرانيا داخل الاتحاد الأوروبي، الحكومات الغربية إلى استخدام أموال روسيا المجمدة لإعادة بناء أوكرانيا. والـ 4 دول هي بولندا ودول البلطيق.
وقالت الدول الأربع في مذكرة في فبراير الماضي لزعماء الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين وتشارلز ميشيل ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون: يجب استخدام الأصول الروسية المجمدة في أسرع وقت ممكن، ولا يمكننا الانتظار حتى تنتهي الحرب.
تراجع عائدات الطاقة
أما عن تراجع عائدات الطاقة، فقد أظهرت بيانات روسية رسمية رصدتها بلومبيرج أن عائدات الضرائب الروسية من النفط الخام والمنتجات البترولية ستنخفض إلى ما دون عام 2022، مقارنة بإيرادات الخزينة الروسية في عام 2022، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار الطاقة.
وتشكل السلع الرئيسية، وخاصة النفط الخام الأورال، الجزء الأكبر من صادرات النفط الروسية بعد أن حظر الاتحاد الأوروبي واردات الطاقة الروسية ومشتقاتها.
وقد تراجعت إيرادات ضرائب النفط والغاز الإجمالية في روسيا بنسبة 46٪ على أساس سنوي في فبراير إلى حوالي 6.9 مليار دولار (521 مليار روبل روسي) ، وفقًا لبيانات صادرة عن وزارة المالية الروسية يوم الجمعة الماضي.
بينما انخفضت عائدات روسيا بنسبة 48٪ سنويًا من النفط الخام والمنتجات البترولية وحدها، إلى حوالي 4.8 مليار دولار (361 مليار روبل) ، وفقًا لحسابات بلومبرج. وقد شكل النفط أكثر من ثلثي عائدات ضريبة الطاقة الروسية في فبراير.
بيانات وزارة المالية الروسية تؤكد التراجع
وقد أكد ذلك بيانات وزارة المالية الروسية التي أعلنتها الأسبوع الماضي، وأوضحت متوسط سعر مزيج الأورال بلغ 49.52 دولارًا للبرميل في يناير وفبراير 2023، مقارنة بـ 88.89 دولارًا للبرميل في الأشهر نفسها من العام الماضي. وبلغ متوسط سعر الأورال 49.56 دولارًا للبرميل في فبراير2023، مقارنة بمتوسط السعر في فبراير الماضي 2022 البالغ 92.15 دولارًا للبرميل.
أما بالنسبة لإيرادات الغاز، فقد تراجعت عائدات روسيا من الغاز الطبيعي بنسبة 42٪ الشهر الماضي مقارنة بشهر فبراير 2022 ، الشهر الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا.
خسر الاقتصاد الروسي الاستثمار الأجنبي والوظائف التي كانت تخلقها هذه الشركات
أما عن خسائر روسيا بسبب العقوبات الشديدة على قطاعي السوق والاستثمار، فقد غادرت بالفعل العديد من الشركات الغربية الكبرى روسيا، حيث فقد الاقتصاد الروسي الاستثمار الأجنبي والوظائف التي خلقتها هذه الشركات.
وقد غادرت حوالي 1000 شركة دولية روسيا بعد الغزو، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ييل، وساهمت هذه الشركات بنحو 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. كما أن هناك مئات الشركات الغربية الأخرى توقفت عن الاستيراد والتصدير من وإلى روسيا. بل منها من أنهت أعمالها هناك.
شركة ميشلان الفرنسية تقترب من بيع مصنعها في روسيا
واقتربت شركة ميشلان الفرنسية من بيع مصنعها بضواحي موسكو، لإحدى الشركات الروسية المحلية.
وبحسب صحيفة كوميرسانت الروسية، اليوم الثلاثاء، فأنّ المصنع المتوقف منذ بدء الحرب الروسية المباشرة على أوكرانيا قبل عام، سيباع لموزع الإطارات “باور إنترناشونال شيني” الذي يتولى منذ العام الماضي، استيراد إطارات “هاي فلاي” الصينية إلى روسيا، وسط توقعات بأن يساعد هذا التعاون في إعادة تشغيل المصنع.
أدت العقوبات إلى وضع غريب في سوق المال الروسي
لقد خسرت موسكو العديد من الأفراد والشركات الروسية. وبعد عقود ماضية أصبحت فيها روسيا جزءًا من نظام التجارة والاستثمار العالمي، أدت العقوبات إلى وضع غريب في سوق المال الروسي حيث توجد بعض الشركات الروسية الأكثر شهرة على الورق في البورصة الروسية، بينما أصولها مجمدة في عواصم المال الغربية.
وقد كان عام 2022 عامًا سيئًا للاقتصاد الروسي، حيث تشير التقديرات إلى أنه في عام 2022 انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 2.2% على الأقل في أفضل سيناريو وبنسبة تصل إلى 3.9% في أسوأ السيناريوهات.
وتظل السمة الأبرز للاقتصاد الروسي في العام 2022 هي قدرته على الصمود في وجه العقوبات الغربية طوال أكثر من عام.
قد تطالع أيضًا: تراجع حاد في إيرادات بيع النفط والغاز الروسي في فبراير