أدى ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة تجنب المستثمرين للمخاطرة، إلى جانب الاقتراض الكبير في السنوات الأخيرة، إلى تفاقم أزمات ديون في عدد من الدول النامية. الأمر الذي يجعل تخصيص المساعدات لهذه الدول للتغلب على تلك الأزمات سيكون محورًا رئيسيًا في الاجتماعات السنوية المقبلة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش بالمغرب. فيما يلي نظرة على بعض الدول التي تواجه تحديات خاصة حاليًا، بدءًا من مصر ودولتين عربيتين بحسب وكالة روتيرز.
ديون مصر
يعاني أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا من ديون تصل إلى حوالي 100 مليار دولار بالعملة الصعبة، ومعظمها مُقوَّمة بالدولار، ومصر ملزمة بسدادها على مدى الخمس سنوات القادمة. تبلغ نسبة تخصيص الحكومة لسداد الفوائد أكثر من 40% من إجمالي إيراداتها. وتتوقع الاحتياجات التمويلية للسنة المالية 2024/2023 حوالي 24 مليار دولار.
ومصر لديها برنامج بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، وقد خفضت قيمة الجنيه المصري بنسبة تقارب 50% منذ فبراير/ شباط 2022. ومع ذلك، تسير خطة الخصخصة بقيمة ملياري دولار ببطء، وقامت الحكومة بالتراجع عن خطة الصندوق الشهر الماضي، مع تأكيدها على الاحتفاظ بأسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى يناير/ كانون الثاني.
ويرى محللون أن الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر/ كانون الأول قد تجعل من الصعب تنفيذ أي إصلاحات جذرية، وأن دعم الدول الخليجية الغنية يمثل عاملًا أساسيًا لضمان تلبية احتياجات مصر التمويلية.
تونس
تواجه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، والتي مرت بتحديات كبيرة منذ اندلاع الثورة في عام 2011، الآن أزمة اقتصادية شاملة. على الرغم من أن معظم ديونها هي ديون داخلية، إلا أنها تواجه استحقاقًا هامًا لسداد سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار هذا الشهر. وقد أشارت وكالات التصنيف الائتماني إلى أن تونس قد تواجه صعوبة في تلبية هذا الالتزام. رفض الرئيس قيس سعيّد الشروط المفروضة للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ووصفها بأنها “إملاءات” غير مقبولة بنظره. كما رفض المساعدة المالية بقيمة 127 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي، معتبرًا المبلغ غير كافي.
على الرغم من تحسن الموسم السياحي وتقليل عجز المعاملات الجارية، إلا أن الوضع لا يزال صعبًا للمواطنين الذين يعانون من نقص في مواد الغذاء والأدوية المستوردة. وقد قدمت السعودية دعمًا بمنحة بقيمة 100 مليون دولار وقرض ميسر بقيمة 400 مليون دولار، ولكن التحديات الاقتصادية ما زالت تشكل تحديًا كبيرًا.
لبنان
تأخر لبنان في سداد ديونه منذ عام 2020، والتحديات التي يواجهها لا تشير إلى أنه سيتم حلاها قريبًا. في الشهر الماضي، رحّب صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي قام بها مصرف لبنان المركزي، مثل إلغاء التدريجي للمنصة النقدية المثيرة للجدل وتقليل التمويل النقدي للحكومة. ومع ذلك، أكد الصندوق أن هناك حاجة إلى إجراء مزيد من الإصلاحات الأساسية بسبب توقعات “صعبة وغير مستقرة” للوضع المستقبلي للبلاد.
وقد حذر الصندوق من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى ارتفاع دين البلاد العام إلى مستويات تصل إلى 457% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.
إثيوبيا
شهدت إثيوبيا ضربات قوية على اقتصادها بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب الأهلية التي اندلعت في نوفمبر 2020 واستمرت لمدة عامين. تزامنت هذه التحديات مع فقدان البلاد لامتياز الإعفاء من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة بسبب اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان. في أوائل عام 2021، طلبت إثيوبيا إعادة هيكلة للديون بموجب إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين التي تأسست خلال الجائحة. في أغسطس، سمحت الصين بتعليق جزئي لمدفوعات الديون. وقد قامت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني بتعديل توقعاتها بشأن إثيوبيا من سلبية إلى مستقرة بناءً على توقعات بتحقيق تقدم سريع بفضل هذه الإجراءات.
غانا
تخلفت غانا عن سداد معظم ديونها الخارجية في نهاية العام الماضي، مما جعلها الدولة الرابعة التي تلجأ إلى إعادة هيكلة الدين بسبب أزمة اقتصادية خانقة. تمت عمليات هيكلة الدين الداخلي والخارجي بنجاح، وحصلت غانا على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد في مايو. لا تزال هناك تحديات اقتصادية تشمل ارتفاع تكلفة المعيشة ومعدلات البطالة.
كينيا
يبلغ دين كينيا العام 67.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعرض البلاد لمخاطر أزمة ديون. بدأت الحكومة بتقديم إصلاحات مالية تتضمن زيادات في الضرائب وتخفيض الإنفاق. وعلى الرغم من تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، إلا أن ارتفاع أسعار النفط وتدهور قيمة العملة ما زالا يشكلان تحديات.
باكستان
تحتاج باكستان إلى أكثر من 22 مليار دولار لخدمة ديونها الخارجية وتغطية النفقات الأخرى في العام المالي 2024. تواجه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة، منها التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. تحتاج أيضًا إلى إعادة البنية التحتية وتسيير شؤون الحكومة بينما تستعد لانتخابات في يناير. تم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد والسعودية والإمارات للحصول على دعم مالي.
سريلانكا
تخلفت سريلانكا عن سداد ديون دولية في مايو 2022 بسبب تأثير جائحة كوفيد-19 على اقتصادها المعتمد على السياحة. أعلنت البلاد خطة إصلاح الدين وتقدمت ببعض التقدم في تنفيذها، لكن هناك تحديات مستمرة وخصوصاً فيما يتعلق باتفاقات مع البنوك المحلية والمستثمرين.
أوكرانيا
جمدت أوكرانيا مدفوعات الديون الدولية في أعقاب الغزو الروسي العام الماضي وتواجه الآن تحديات هائلة. تحتاج البلاد إلى تمويل ضخم لإعادة الإعمار بعد الحرب، ومن الممكن أن تستمر التداعيات السياسية على استقرارها وتلقي بظلال على دعم المجتمع الدولي.
زامبيا
زامبيا كانت أول دولة أفريقية تتخلف عن السداد خلال جائحة كوفيد-19، ومرت بعملية هيكلة ديون طويلة. في يونيو 2022، تم التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليار دولار مع الدول الدائنة والصين. تواجه البلاد مزيدًا من التحديات في تنفيذ هذا الاتفاق وإجراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.
قد تطالع أيضًا: صدق أو لا تصدق.. الكوكايين “نفط كولومبيا” الجديد