وفقًا للبيانات المعدلة، دخلت منطقة اليورو في ركود فني منذ بداية العام بسبب تأثير ارتفاع التضخم على المستهلكين. إذ أظهرت الأرقام الصادرة عن وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي أن الاقتصاد انكمش بنسبة 0.1٪ في الربع الثاني على التوالي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023.
ركود ألماني
تم تعديل توقعات يوروستات السابقة التي تشير إلى نمو طفيف، حيث أعلنت ألمانيا، أكبر اقتصاد في القارة، الشهر الماضي دخولها في حالة ركود. وقد تم تخفيض توقعات الوكالة السابقة التي تشير إلى نمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.1٪ في الربع الأول من العام.
في الوقت الحالي، من المتوقع أن يواصل البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في وقت لاحق من هذا الشهر، ومرة أخرى في يوليو/تموز، في محاولة للحد من التضخم المتزايد. وتعتبر هذه النتائج ضربة لـ منطقة اليورو، حيث أعلن السياسيون ومسؤولو البنك المركزي الأوروبي مرارًا أنه يمكن تجنب الركود رغم ارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية.
انكماش متوقع
وفقًا لصحيفة “بلومبيرغ”، من المتوقع أن تنكمش منطقة اليورو بشدة أكبر خلال الأشهر المتبقية من هذا العام وفقًا لتقييمات خبراء الاقتصاد.
قال أندرو كينينغهام، كبير الاقتصاديين في أوروبا في كابيتال إيكونوميكس، إن المسار المظلم للركود لم يكن مفاجئًا بعد التنقيحات السلبية الكبيرة لتقديرات ألمانيا وأيرلندا. وقد خفض العديد من أعضاء منطقة العملة الموحدة توقعات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول في الأسابيع التي تلت صدور التقدير الأولي ليوروستات في نهاية إبريل/نيسان.
شهد الناتج المحلي الإجمالي في أيرلندا انكماشًا بنسبة 4.6٪، ورغم أن الاقتصاديين يشككون في مدى انعكاس ذلك بشكل حقيقي لأداء الاقتصاد الأيرلندي، فإن الناتج المحلي الإجمالي لليتوانيا انكمش بنسبة 2.1٪، ولهولندا بنسبة 0.7٪، وألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا، انكمش بنسبة 0.3٪.
التضخم وارتفاع أسعار الفائدة
تشير تحليلات الإنفاق التي تم نشرها لأول مرة يوم الخميس إلى أن الطلب المحلي تضرر بشدة بسبب تأثير مزيج من التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. حيث انخفض استهلاك الأسر بنسبة 0.3٪ على أساس ربع سنوي، بعد انخفاضه بنسبة 1٪ في الربع الرابع. وانخفض الاستهلاك الحكومي بشكل حاد بنسبة 1.6٪ على أساس ربع سنوي، في حين استمرت الصادرات دون تغيير كبير، وانخفضت الواردات.
قال أوليفر راكاو، الخبير الاقتصادي في مجموعة أكسفورد إيكونوميكس لصحيفة “فاينانشال تايمز”: “على الرغم من أن هذه التغييرات لن تكون مشكلة كبيرة من منظور الاقتصاد الكلي، إلا أنها قد تؤدي إلى تغييرات في النقاشات خلال اجتماع مجلس البنك المركزي الأوروبي حول السياسات المالية والنقدية المستقبلية”.
توقعات باستمرار رفع الفائدة
من المتوقع أن يستمر البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في وقت لاحق من هذا الشهر، ومرة أخرى في يوليو/تموز، في محاولة للحد من التضخم المتصاعد. ومع ذلك، يشير تقرير وكالة “بلومبيرغ” إلى أن هذه النتائج قد تكون ضربة للسياسيين والمسؤولين في البنك المركزي الأوروبي الذين كانوا يعتقدون أنه بإمكانهم تجنب الركود على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.
وفقًا لصحيفة “تيليغراف” البريطانية، من المرجح أن تشهد منطقة اليورو تضاعفًا في انكماش الاقتصاد خلال الأشهر المتبقية من العام، وفقًا لتوقعات خبراء اقتصاديين. وأشار أندرو كينينغهام، كبير الاقتصاديين في أوروبا في كابيتال إيكونوميكس، إلى أن هذا المسار السلبي ليس مفاجئًا بعد التحسينات السلبية الكبيرة في توقعات النمو الاقتصادي لألمانيا وأيرلندا.
على الجانب الآخر، تم رفع توقعات إيطاليا للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، حيث ارتفعت من 0.5٪ إلى 0.6٪ في الأسبوع الماضي. بينما لم تعلن اليونان بعد عن أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، والتي قد توفر بعض البشرى السارة للمنطقة.
يتبقى معرفة كيف ستتطور الأحداث في المستقبل، وما إذا كانت السياسات النقدية والمالية الحالية ستكون كافية أم لا.
ضرورة وجود سياسات تحفيزية إضافية
وبالنظر إلى التطورات الحالية والتحديات التي تواجهها منطقة اليورو، يعد من الضروري اتخاذ إجراءات إضافية للتصدي للركود المتوقع والتضخم المرتفع. قد يكون من الملائم للبنك المركزي الأوروبي النظر في تبني سياسات تحفيزية إضافية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق استقرار الأسواق المالية.
على المستوى السياسي، ينبغي للحكومات الوطنية في منطقة اليورو أن تتعاون بشكل وثيق لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة. يمكن للتعاون المشترك أن يساعد على تعزيز الثقة في الأسواق وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
علاوة على ذلك، ينبغي أيضًا تعزيز الإصلاحات الهيكلية في الدول الأعضاء، وخاصة فيما يتعلق بالسوق العمل والتنظيم الاقتصادي. يجب على الدول الأعضاء أن تعمل على تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار والابتكار، وذلك من أجل تعزيز النمو المستدام وتحقيق التنمية الاقتصادية على المدى الطويل.
بشكل عام، من المهم أن يتعاون الجهات المعنية في منطقة اليورو للتصدي للتحديات الاقتصادية الحالية وضمان استقرار الأسواق وتحقيق التوازن بين التضخم والنمو الاقتصادي. يتطلب ذلك تعاونًا وتنسيقًا فعالًا بين البنك المركزي الأوروبي والحكومات الوطنية والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية في المنطقة.
قد تطالع أيضًا: ما هي الآثار الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟