بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، تعرض قطاع النفط في البلاد لتغيرات جذرية، جعلته من أبرز القطاعات المتأثرة بالصراع المستمر. فبينما كان النفط قبل الثورة يشكل مصدرًا مهمًا للعائدات الاقتصادية، أدى الصراع إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير، وتغيرت السيطرة على الحقول النفطية بين أطراف متعددة، مما خلق تحديات اقتصادية وسياسية كبرى.
—
قطاع النفط قبل ثورة 2011
قبل عام 2011، كانت سوريا تنتج حوالي 380 ألف برميل يوميًا، مع احتياطي نفطي يتركز في محافظتي الحسكة ودير الزور. كان هذا القطاع مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية، حيث ساهم بنسبة كبيرة في موازنة الدولة عبر تصدير الفائض بعد تلبية الاحتياجات المحلية.
—
التغيرات بعد ثورة 2011
1. انهيار الإنتاج:
انخفض الإنتاج النفطي إلى أقل من 85 ألف برميل يوميًا بسبب الحرب وتدمير البنية التحتية النفطية.
توقف العديد من الحقول عن العمل بسبب الاستهداف المتكرر والغياب التام للصيانة.
2. تغير السيطرة على الحقول:
خلال الحرب، انتقلت السيطرة على الحقول النفطية بين أطراف مختلفة:
تنظيم داعش: سيطر لفترة على العديد من الحقول، واستخدم النفط لتمويل عملياته.
قوات سوريا الديمقراطية (قسد): تسيطر حاليًا على أغلب الحقول في شمال شرق سوريا، بدعم أمريكي.
الحكومة السورية: تسيطر على بعض الحقول الصغيرة في وسط وجنوب البلاد.
3. التدخل الدولي:
الولايات المتحدة تدعم قوات قسد، مما يمنحها سيطرة غير مباشرة على الموارد النفطية.
روسيا سعت لدعم الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على الحقول لتعزيز عائداتها.
—
التحديات بعد الثورة
1. التحديات الاقتصادية:
فقدان العائدات: حُرمت الحكومة السورية من عائدات النفط بسبب فقدان السيطرة على أغلب الحقول.
نقص الوقود: يعاني السوريون من أزمات متكررة في تأمين المشتقات النفطية، ما أثر على قطاعات الكهرباء والنقل والزراعة.
2. التحديات السياسية:
الصراع بين الأطراف المختلفة للسيطرة على الموارد النفطية أدى إلى تعقيد الحل السياسي.
التدخلات الدولية والإقليمية في قطاع النفط جعلت من الصعب إعادة بناء هذا القطاع كجزء من الدولة.
3. التحديات اللوجستية:
البنية التحتية النفطية دُمرت بشكل كبير، ما يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة تأهيلها.
العقوبات الدولية تعرقل عمليات الاستيراد والتصدير، وتؤثر على تأمين المعدات اللازمة للصيانة.
4. التحديات الإنسانية:
نقص الوقود أثر على الحياة اليومية للسوريين، حيث ارتفعت أسعار المحروقات بشكل كبير.
ارتفاع تكلفة النقل والزراعة والكهرباء زاد من معاناة المواطنين.
—
خطوات مهمة أمام الحكومة الجديدة لمستقبل النفط في سوريا بعد سقوط نظام بشار:
1. استعادة السيطرة الوطنية:
استعادة الحكومة الجديدة أو توافق الأطراف السورية على إدارة الموارد النفطية كجزء من حل سياسي شامل سيكون أساسًا لإعادة بناء الاقتصاد.
2. الاستثمار الدولي:
في حال تحقيق الاستقرار، قد تصبح الاستثمارات الدولية ضرورة لإعادة تأهيل الحقول النفطية والبنية التحتية.
3. التنمية المستدامة:
يمكن أن يشكل النفط جزءًا من استراتيجية التنمية، لكنه يحتاج إلى إدارة شفافة تضمن استفادة الشعب السوري من هذه الموارد.
—-
الخاتمة
بعد الثورة، تحول النفط من مورد استراتيجي لدعم الاقتصاد السوري إلى محور للصراع بين الأطراف المختلفة. ومع استمرار الأزمة، يبقى قطاع النفط أحد أكبر التحديات التي تواجه سوريا في طريقها نحو إعادة الإعمار. إيجاد حلول مستدامة لهذا القطاع يتطلب تحقيق توافق سياسي داخلي ودعم دولي لإعادة البناء وضمان استفادة الشعب السوري من ثرواته الوطنية.