مفهوم تحليل البيانات هو عملية علمية تتضمن فحص وتفسير البيانات من أجل استخلاص رؤى قيمة تُسهم في اتخاذ قرارات مدروسة وتحسين الأداء.
في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه، أصبحت البيانات عنصراً أساسياً في إدارة العمليات واتخاذ القرارات، حيث يتم جمعها من مختلف جوانب العمليات والمعاملات لتوفير رؤية شاملة تُعزز من فعالية الأعمال.
كما أشار دانيال بوروس، المستشار والمتحدث في مجالات الأعمال والابتكار، فإن “الكثير من [تحليل البيانات] يساعد البشر على العمل بشكل أكثر ذكاءً وأسرع لأن لدينا بيانات عن كل ما يحدث”. هذه العبارة تُجسد أهمية تحليل البيانات في تحسين الكفاءة وتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات دقيقة ومدروسة.
مجالات تحليل البيانات
يتجاوز استخدام تحليل البيانات مجالاً واحدًا، إذ يُستخدم في العديد من الصناعات والمجالات لتحقيق أهداف مختلفة:
التسويق: يستخدم المسوقون تحليل البيانات لتوقع سلوك المستهلكين وتخصيص الحملات التسويقية بشكل يناسب احتياجاتهم وتطلعاتهم.
مثلاً، تحليل بيانات المبيعات يساعد في تحديد المنتجات التي تلقى رواجاً بين فئات عمرية أو ديموغرافية معينة، مما يُتيح للشركات تعديل استراتيجياتها التسويقية لتلبية تلك الاحتياجات.
الموارد البشرية: يُمكن تحليل البيانات من تحسين تجربة الموظفين وضمان بيئة عمل مثلى. على سبيل المثال، يمكن تحديد مدى توافق مهارات الموظفين مع أهداف الشركة، أو تحديد العوامل التي تُحسن من رضا الموظفين وأدائهم.
أكاديميا: تُستخدم المؤسسات التعليمية تحليل البيانات لقياس أداء الطلاب وتحسين جودة التعليم. على سبيل المثال، يُمكن تحليل نتائج الاختبارات والواجبات لاكتشاف نقاط الضعف وتقديم الدعم اللازم لتحسين الأداء الأكاديمي.
تقنيات تحليل البيانات
تختلف تقنيات التحليل باختلاف نوع البيانات التي يتم جمعها.
بالنسبة للبيانات النوعية، يعتمد الباحثون على طرق مثل المقابلات المفتوحة، ومجموعات التركيز، والمراقبة، حيث يتم تفسير ردود الفعل اللفظية وتحليل الأنماط السلوكية.
أما البيانات الكمية، فتُحلل باستخدام تقنيات إحصائية ورياضية لتحديد الاتجاهات والعلاقات بين المتغيرات.
خطوات تحليل البيانات
تتضمن عملية تحليل البيانات عدة مراحل تبدأ بتحديد متطلبات البيانات وتنتهي بتصميم قاعدة بيانات متكاملة. تشمل هذه المراحل:
1. تحديد متطلبات البيانات:
تعتبر هذه المرحلة الأولى في عملية تحليل البيانات، بتحديد الأسئلة الصحيحة والواضحة والقابلة للقياس، والتي تهدف إلى حل مشكلة معينة أو تقديم رؤى جديدة.
ويتم فيها تحديد نوعية وكمية البيانات المطلوبة للتحليل.وتحديد ما إذا كانت البيانات المطلوبة نصوصًا، أرقامًا، أو صورًا، وكذلك تحديد ما إذا كانت البيانات تخص مجموعة محددة من الأفراد أو كافة الأفراد في موقع معين.
2. جمع البيانات
في هذه المرحلة يتم تحديد أولويات القياس بعد تحديد الأسئلة، يجب التفكير في نوعية البيانات المطلوبة وكيفية قياسها بشكل صحيح لضمان دقة النتائج.
وجمع البيانات من مصادر متنوعة تلبي المتطلبات التي تم تحديدها مسبقًا. يمكن الحصول على البيانات من خلال الاستبيانات، الأقمار الصناعية، الإنترنت، أو حتى من خلال سجلات الشركة.
3. تنظيم البيانات:
بعد جمع البيانات من المصادر المتاحة أو من خلال الاستطلاعات والمقابلات. يجب أن تكون البيانات منظمة جيداً لضمان سهولة التحليل فيما بعد.
ويتم تنظيمها في جداول أو ملفات، مثل ملفات Excel، لتسهيل عملية التحليل. يشمل ذلك توزيع البيانات على صفوف وأعمدة وفقًا للمعايير المحددة.
4. فحص البيانات:
يتم في هذه المرحلة التأكد من دقة البيانات وصحتها، و فرز البيانات وتحليلها باستخدام تقنيات إحصائية لتحديد الأنماط والاتجاهات.
حيث يتم إزالة أو تصحيح أي بيانات غير صحيحة أو مكررة. يُعد هذا الفحص ضروريًا لضمان أن تكون المعلومات المستخلصة من التحليل صحيحة وموثوقة .
5. تفسير النتائج:
أخيراً، يتم تفسير النتائج المستخلصة من التحليل والاستعانة بأدوات تحليل البيانات للإجابة على الأسئلة المطروحة في بداية العملية، وتقديم توصيات مبنية على البيانات لتحسين واتخاذ القرارات.
ما هي أدوات تحليل البيانات؟
أدوات تحليل البيانات هي برامج أو تطبيقات أو مساعدات أخرى يستخدمها المهنيون لتحليل مجموعات البيانات بطرق تعطي صورة شاملة للمعلومات وتوفر رؤى قابلة للاستخدام لأغراض اتخاذ القرارات والتوقعات.
يمكنك وصف هذه الأدوات بأنها مجموعة من الخرائط والرسوم البيانية والمخططات المصممة لجمع البيانات وتفسيرها وتصورها عبر تطبيقات متنوعة.
إن اختيار الأداة المناسبة لتحليل البيانات أمر ضروري لتعظيم جهودك وجعل تحقيق أهدافك المهنية أكثر سهولة.
من يستخدم أدوات تحليل البيانات؟
يستخدم العديد من المحترفين في مختلف القطاعات أدوات تحليل البيانات لمساعدتهم في تحويل البيانات الخام إلى رؤى قيّمة تُسهم في اتخاذ القرارات ودفع الابتكار. وفيما يلي لمحة سريعة عن من يستخدم هذه الأدوات ولماذا:
محللو البيانات: يعتمد محللو البيانات على أدوات تحليل البيانات لكشف الأنماط والرؤى من البيانات المعقدة، مما يساعد الشركات في اتخاذ قرارات أفضل وزيادة الأرباح.
محللو الأعمال: يستخدم محللو الأعمال هذه الأدوات لمساعدة الشركات في تحسين عملياتها وزيادة ربحيتها من خلال اتخاذ قرارات واستراتيجيات قائمة على البيانات.
مديرو المشاريع: يستفيد مديرو المشاريع من أدوات تحليل البيانات في مهام متنوعة، مثل إدارة الميزانيات وحل المشكلات وتعزيز إنتاجية الفريق.
المسوقون الرقميون: يستخدم المسوقون الرقميون أدوات تحليل البيانات لوضع استراتيجيات وحملات تسويقية فعالة، مما يضمن أن تصل الأنشطة الترويجية إلى الفئة المستهدفة الصحيحة.
علماء البيانات: يوظف علماء البيانات هذه الأدوات لبناء نماذج وعمليات جديدة، مما يمكّن محللي البيانات من أداء وظائفهم بفعالية ويساعد الشركات في تفسير البيانات المعقدة وحل المشكلات المعقدة.
كيف يمكن اختيار الأداة المناسبة لتحليل البيانات ؟
تحليل البيانات يُعدّ من الأدوات الحيوية التي تُمكن الشركات والمؤسسات من تحويل البيانات الأولية إلى رؤى قيمة تدعم اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة، وتعزز من كفاءة العمليات. من خلال فهم وتحليل البيانات بشكل صحيح، يمكن لأي منظمة تحسين أدائها وزيادة تنافسيتها في السوق.
لذا يعتبر اختيار أداة تحليل البيانات المناسبة لكل شركة تحدٍ، حيث لا توجد أداة تناسب جميع الاحتياجات.
ولمساعدتك في تحديد الأداة التي تناسب مؤسستك، دعنا نناقش العوامل المهمة لاختيارها، ثم نعرض بعض من الخيارات الشائعة المتاحة في السوق اليوم.
قبل البدء في تقييم الأدوات المتاحة، يجب أولاً فهم أنواع البيانات التي ترغب مؤسستك في تحليلها، وبناءً على ذلك، تحديد متطلبات تكامل البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، قبل البدء في تحليل البيانات، تحتاج إلى اختيار مصادر البيانات والجداول والأعمدة الخاصة بها، ونسخها إلى مستودع بيانات لإنشاء مصدر موحد للحقيقة من أجل التحليلات.
يجب أيضاً تقييم أمان البيانات وحوكمتها. على سبيل المثال، إذا كانت البيانات تتبادل بين الأقسام، يجب أن تتوفر أنظمة تحكم في الوصول وإذن لحماية المعلومات الحساسة.
كيف تجد الأداة المناسبة لشركتك؟
بمجرد تجهيز البيانات، يمكنك البدء في تحليلها باستخدام أدوات مختلفة.
ابدأ بالنظر في احتياجات عملك وتحديد من سيستخدم أداة التحليل. هل يستخدمها محللو بيانات متخصصين وعلماء بيانات، أم مستخدمون غير تقنيين يحتاجون إلى واجهة مستخدم بديهية، أو يجب أن تناسب كلاً من النوعين؟
توفر بعض المنصات تجربة تفاعلية لتطوير الأكواد، غالبًا باستخدام SQL، بينما تركز أخرى على التحليل بنقرة واحدة للمستخدمين الأقل تقنيين.
يجب أن توفر الأداة أيضًا دعمًا للتصورات ذات الصلة بمؤسستك.
اعتبر أيضًا قدرات نمذجة البيانات للأداة. بعض الأدوات تدعم طبقة دلالية أو يمكنها إجراء نمذجة البيانات بنفسها. إذا كنت ترغب في استخدام أداة لا تدعم ذلك، فستحتاج إلى استخدام SQL أو أداة مثل dbt لنمذجة بياناتك قبل التحليل.
أخيرًا، ضع في اعتبارك السعر والترخيص. بعض الأدوات مجانية، بينما تتطلب أخرى رسوم ترخيص أو اشتراكات. الأدوات الأغلى ثمناً ليست دائمًا الأكثر اكتمالاً من حيث الميزات، ولا ينبغي تجاهل العديد من الحلول المجانية القوية المتاحة.
وفي المقال التالي سوف نتحدث عن أدوات تحليل البيانات الأكثر إستخداما
