“صعود وول ستريت: التكنولوجيا والصلب يحققان انتعاشة في أسواق المال الأمريكية”

“صعود وول ستريت: التكنولوجيا والصلب يحققان انتعاشة في أسواق المال الأمريكية”

- ‎فياقتصاد امريكا, منوعات

شهدت أسواق المال الأمريكية اليوم ارتفاعًا ملحوظًا في مؤشرات وول ستريت، مدفوعةً بالصعود القوي لأسهم شركات التكنولوجيا، لا سيما الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي مثل إنفيديا و برودكوم، وذلك إلى جانب تأثير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصلب والألومنيوم. هذا التحرك يأتي كجزء من سياسة إدارة ترمب التجارية، والتي تهدف إلى حماية الصناعة المحلية ودعم الشركات الأمريكية في مواجهة المنافسة الدولية.

ارتفاع مؤشرات وول ستريت:
حقق مؤشر ستاندرد أند بورز 500 صعودًا ملحوظًا بنسبة 0.67% ليصل إلى 6066.49 نقطة، فيما حقق مؤشر ناسداك الذي يعد مؤشرًا رئيسيًا لأسهم الشركات التكنولوجية، زيادة بنسبة 0.97% ليبلغ 19713.65 نقطة. من جهة أخرى، شهد مؤشر داو جونز الذي يركز على الشركات الصناعية الكبرى، ارتفاعًا بنسبة 0.39% ليصل إلى 44470.35 نقطة، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بالفرص الاقتصادية في القطاعات المختلفة.

هذا الارتفاع في المؤشرات يأتي بعد فترة من التوترات الاقتصادية، حيث ظلت الأسواق في حالة تأهب من أي تطورات سلبية قد تؤثر على النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يبدو أن الأسواق قد استوعبت التحركات الأخيرة في السياسات التجارية، مما دفعها إلى تحقيق انتعاش ملحوظ.

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الصدارة:
لعل من أبرز القطاعات التي استفادت من هذا الارتفاع هو قطاع التكنولوجيا، تحديدًا شركات الذكاء الاصطناعي. أسهم شركات مثل إنفيديا و برودكوم، المتخصصة في تصنيع رقائق الحوسبة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، شهدت زيادة كبيرة في قيمتها السوقية. إنفيديا، على وجه الخصوص، التي تعتبر من الشركات الرائدة في صناعة معالجات الرسوميات، شهدت ارتفاعًا في أسهمها على خلفية زيادة الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء. فهذه التقنيات أصبحت لا غنى عنها في العديد من المجالات مثل السيارات ذاتية القيادة، والتعلم الآلي، والروبوتات.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أيضًا أسهم أمازون، التي تواصل الاستفادة من التحول الرقمي في العديد من الصناعات. ليس فقط في مجال التجارة الإلكترونية، بل أيضًا في الحوسبة السحابية من خلال أمازون ويب سيرفيسز (AWS)، التي تعد إحدى الدعائم الأساسية لتحقيق النمو المستدام لشركة أمازون. وبالنسبة للعديد من المستثمرين، تعتبر هذه الشركات من الرابحين في عالم الاقتصاد الرقمي الذي يتزايد بقوة.

وول ستريت

وفي إطار أوسع، يُظهر المستثمرون تفاؤلاً كبيرًا تجاه شركات التكنولوجيا التي تركز على الابتكار، وبشكل خاص تلك التي تسهم في التحول الرقمي العالمي، مما يعكس إيمانهم بأن الابتكار في هذه الصناعات سيكون محركًا أساسيًا للربحية والنمو في المستقبل.

وعلى الجانب الآخر، شهد قطاع الصناعات الثقيلة أيضًا تحسنًا ملحوظًا في أسهم بعض الشركات، خاصة تلك المتخصصة في صناعة المعادن. وكان هذا التحسن مدفوعًا بالإعلان عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على واردات الصلب و الألومنيوم من دول خارج الولايات المتحدة، وهو ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة “أمريكا أولًا” التي تهدف إلى حماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية، وفي الوقت نفسه تحفيز الشركات المحلية على زيادة الإنتاج.

إن القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية قد يدعم شركات أمريكية مثل نوكور، و ستيل ديناميكس، و كليفلاند كليفس، و يو.إس ستيل، بالإضافة إلى شركات سنتشري ألومنيوم و ألكوا، التي تعمل في مجالات إنتاج الصلب والألومنيوم. هذه الشركات تعد المستفيد الأكبر من هذا القرار نظرًا لأن زيادة الرسوم الجمركية على الواردات ترفع التكلفة على الشركات الأجنبية، مما يعزز قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة في السوق المحلي والعالمي.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة قد تساهم في تعزيز الصناعة الأمريكية على المدى القصير، إلا أن هناك بعض المخاوف من التأثيرات السلبية على العلاقات التجارية الدولية. فقد تكون هذه الرسوم سببًا في تصعيد التوترات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين مثل الصين و الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى فرض المزيد من القيود التجارية والجمركية.

كما ذكر سام ستوفال، كبير محللي الاستثمار في شركة سي.إف.آر.إيه ريسيرش، فإن التفاؤل السائد بين المستثمرين يعود بشكل أساسي إلى الأرباح. ويؤكد المحللون أن الأرباح القوية هي محرك أساسي لنمو السوق، مع التركيز على الشركات التي تُظهر نموًا مستدامًا في مجالات التكنولوجيا والابتكار. على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية، فإن بعض القطاعات والشركات تظهر مقاومة جيدة للأزمات الاقتصادية، ويبدو أن الأسواق قد تميل إلى التركيز على الفرص التي توفرها هذه القطاعات الناجحة.

كما يرى المحللون أن الاستثمارات في الشركات التي تركز على التكنولوجيا ستظل تمثل خيارًا جذابًا للمستثمرين في الفترة المقبلة، خاصة في ظل الانطلاقة القوية للتحول الرقمي الذي يشهده العالم. إلى جانب ذلك، فإن شركات الصناعات الثقيلة التي تستفيد من الإجراءات الحمائية التجارية ستحقق أيضًا مزيدًا من العوائد الإيجابية في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من التحسن الذي شهدته الأسواق في الفترة الأخيرة، يبقى الترقب حول التطورات الاقتصادية العالمية والمخاطر الجيوسياسية مستمرًا. فالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض الشركاء الدوليين، إلى جانب التقلبات في أسواق الطاقة والطلب العالمي على السلع، قد تلعب دورًا في توجيه الأسواق خلال الأشهر القادمة.

وفي هذا السياق، سيظل التحليل الفني والأساسي عاملاً مهمًا في اتخاذ القرارات الاستثمارية في الأسواق المالية. وبينما تتوجه الأنظار إلى الشركات الرائدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، ستستمر التوترات التجارية في تحديد المشهد الاقتصادي هذا العام.و يظل الترقب حول تأثير السياسات التجارية والعوامل الجيوسياسية على الأسواق هوالأكثر تأثيرًا في تحديد الاتجاهات المستقبلية للأسواق المالية العالمية.

 

You may also like

“مايكروسوفت تُحدث ثورة في الحوسبة الكمومية بإطلاق شريحة Majorana 1: خطوة نحو مستقبل غير محدود

أعلنت شركة مايكروسوفت يوم الأربعاء 19 فبراير 2025