أكد بنك قطر الوطني أن التطورات الأخيرة في أسواق السلع تشير إلى مزيد من التباطؤ في الاقتصاد العالمي، حيث تشهد أسعار المعادن الثمينة ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة غير الأميركية وارتفاع الضغوط التضخمية.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن متابعة تحركات أسعار السلع الأساسية يمكن أن تكشف عن جوانب مهمة من آفاق الاقتصاد العالمي، حيث توفر تطورات بعض أسعار السلع معلومات عن الاتجاهات العامة للمعنويات والتضخم، وعادة ما تقود أو تؤكد نقاط التحول الدورية.
تراجع الطلب الكلي وتباطؤ النشاط الاقتصادي
وأرجعت عملية تصحيح أسعار السلع الأساسية الأخيرة إلى عدة عوامل، بما في ذلك إشارة أسعار السلع الأساسية إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي. فارتفاع أسعار الفائدة وتقليص السيولة وتقييد الإنفاق المالي وانخفاض الدخل المتاح للاستهلاك بسبب التضخم، يؤدي إلى تراجع الطلب الكلي وتباطؤ النشاط الاقتصادي. تتضح هذه الحقيقة في عملية التصحيح الكبيرة التي شهدتها أسعار السلع الأكثر تأثراً بالتقلبات الدورية، مثل الطاقة والمعادن الأساسية.
استمرار التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا
وفقًا للتقرير، يشير أداء أسعار السلع المختلفة إلى استمرار التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث انخفضت أسعار خام برنت بنسبة 38 بالمائة عن ذروتها الأخيرة، على الرغم من أنها لا تزال أعلى بقليل من مستويات ما قبل جائحة كورونا، وتراجعت أسعار النحاس والخشب من مستويات مرتفعة سابقة، وهما مؤشران مهمان للنشاط في الصين والولايات المتحدة. ويوضح هذا الأداء السعري أن الرياح المعاكسة لا تزال تهيمن على توقعات النمو العالمي.
تراجع قيمة الدولار
ويستند بنك قطر الوطني في تحليله إلى تراجع قيمة الدولار، حيث تفوقت أسعار الذهب على أداء سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، مما يشير إلى تفضيل المستثمرين الأجانب والمحليين للملاذات الآمنة غير الصادرة عن الولايات المتحدة.
ويشير زيادة الطلب على الأصول الآمنة غير الأميركية، مثل الذهب، إلى احتمالية انخفاض الطلب على الدولار.
ويؤكد البنك أن نسبة سندات الخزانة الأميركية إلى الذهب تعد مؤشرًا مهمًا على المعنويات إزاء الدولار، حيث يشير انخفاض هذه المؤشر إلى حدوث نقطة تحول في دورة الدولار، من ارتفاع المعنويات إزاء الدولار في السوق إلى هبوطها نتيجة تفضيل العملات الأخرى.
وكما يؤكد البنك، فإن تراجع قيمة الدولار يعد أيضًا دليلاً جيدًا على قوة الأداء الاقتصادي خارج الولايات المتحدة، ويمكن أن يكون ذلك إيجابيًا بشكل خاص للأسواق الناشئة لأنه يحفز زيادة التدفقات الإيجابية لرأس المال الأجنبي.
أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوياتها
وفقًا للتقرير، يشير ارتفاع أسعار المعادن الثمينة إلى استمرار الضغوط التضخمية، خاصةً أن أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق. كما ارتفعت أسعار الفضة، التي تعد مدخلًا رئيسيًا للاقتصاد الجديد (صناعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة)، بشكل أكبر من الذهب في الأشهر الأخيرة، مما يشير إلى استمرار بعض الضغوط على الاقتصاد الحقيقي، على الرغم من التباطؤ العالمي. ويؤكد التقرير أيضًا أن انخفاض نسبة الذهب إلى الفضة وسط أداء قوي للذهب يعد علامة على استمرار الضغوط التضخمية، وأنه لا يزال هناك تحديات تواجه الاقتصاد العالمي، ولا سيما في ظل استمرار بعض الضغوط على الاقتصاد الحقيقي. وبالتالي، يشير التقرير إلى أن الضغوط التضخمية لا تزال غير مهيأة للتراجع بالكامل، وأن ارتفاع أسعار المعادن الثمينة ساهم في استمرار هذه الضغوط.
حلول لتخفيف الضغوط التضخمية
هناك عدة حلول لتخفيف الضغوط التضخمية، وتتضمن هذه الحلول:
1- زيادة الإنتاجية: حيث يمكن لزيادة الإنتاجية أن تساعد على تلبية الطلب المتزايد على السلع والخدمات، وبالتالي تخفيف الضغوط التضخمية.
2– تحفيز الإنفاق الحكومي: يمكن لزيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع العامة، مثل البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، أن تزيد من الطلب الكلي وتحفز النمو الاقتصادي، وبالتالي تخفيف الضغوط التضخمية.
3- رفع أسعار الفائدة: يمكن لرفع أسعار الفائدة أن يساعد في تقليل الطلب على الائتمان والاستثمار، وبالتالي تقليل الطلب الكلي. وهذا يشكل طريقة تقليدية لمكافحة التضخم، ولكنها قد تؤثر على نمو الاقتصاد.
4- التحكم في العرض النقدي: يمكن للحكومات والبنوك المركزية التحكم في العرض النقدي للحد من التضخم. ويمكن ذلك عن طريق زيادة سعر الفائدة على الودائع البنكية أو تقليل الإنفاق الحكومي.
5- تحسين الإدارة الاقتصادية: يتطلب تحسين الإدارة الاقتصادية إجراءات شاملة، مثل تحسين البنية التحتية والتعليم وتشجيع الابتكار والاستثمار في الأبحاث والتطوير، وتحسين بيئة الأعمال، وتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد. وهذا يمكن أن يساعد في تعزيز النمو الاقتصادي بشكل مستدام وتحفيز الإنتاجية والابتكار والاستثمار، وبالتالي تخفيف الضغوط التضخمية.
يجب الإشارة إلى أن الحلول المناسبة لتخفيف الضغوط التضخمية قد تختلف من بلد لآخر وتعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكل بلد. وعلاوة على ذلك، يجب أن يتم تنفيذ هذه الحلول بحذروبشكل متوازن لتجنب الآثار الجانبية غير المرغوبة، مثل التأثير على التوظيف والنمو الاقتصادي أو زيادة الديون العامة.
قد تطالع أيضًا: قلق واشنطن من الإجراءات الصينية ضد شركات أميركية