أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد التركي سجل نموًا بنسبة 2% في الربع الأول من عام 2025، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، ما يعكس تباطؤًا حادًا مقارنة بالنمو المسجل في الربع الأخير من عام 2024 والذي بلغ 3%. جاء هذا الأداء أقل من توقعات المحللين الذين رجحوا نموًا بنحو 2.3%، مما يعكس تأثير مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية المتداخلة.
أسباب التباطؤ:
1. تشديد السياسة النقدية
من أبرز أسباب التباطؤ الاقتصادي في تركيا الرفع المستمر لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي التركي. ففي مارس وأبريل من هذا العام، رفع البنك سعر الفائدة بمقدار 350 نقطة أساس ليصل إلى 49%، في محاولة للحد من التضخم المرتفع والحفاظ على استقرار العملة. هذه الخطوة، رغم أهميتها لضبط الأسواق، أدت إلى تراجع الاستهلاك المحلي وزيادة كلفة الاقتراض على الشركات والمستهلكين.
2. الاضطرابات السياسية
شهدت البلاد اضطرابات سياسية مؤثرة بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في مارس 2025، وهو ما فجر موجة من الاحتجاجات في أنحاء البلاد. هذا الوضع السياسي الهش ساهم في زعزعة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، وألقى بظلاله على مؤشرات السوق والاقتصاد الكلي.
3. تراجع الاستهلاك والاستثمار
ساهمت هذه الظروف في إضعاف الطلب المحلي، حيث تباطأ نمو استهلاك الأسر إلى 2% بعد أن كان 3.9% في الربع السابق. كما تباطأ نمو الاستثمارات إلى 2.1%، مقارنة بـ6.1% في نهاية عام 2024. الانكماش في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري يعكس ضعف الثقة الاقتصادية وتأثير كلفة التمويل المرتفعة.
التوقعات المستقبلية
رغم التحديات، يتوقع بعض المحللين أن يسجل الاقتصاد التركي نموًا بنحو 3% بنهاية عام 2025، أي أقل من نسبة 3.2% المسجلة في عام 2024. ويعتمد هذا السيناريو على استقرار الوضع السياسي وتخفيف السياسات النقدية تدريجيًا إذا بدأ التضخم في الانخفاض خلال النصف الثاني من العام.
إلا أن المخاطر ما زالت قائمة، خاصة في حال استمرار التوترات السياسية أو حدوث أي تقلبات جديدة في الأسواق العالمية أو المحلية.
الخلاصة
تراجع وتيرة نمو الاقتصاد التركي في الربع الأول من عام 2025 يؤكد أن البلاد تمر بمرحلة حرجة تتطلب إدارة متوازنة بين السياسة النقدية والانضباط المالي من جهة، وتحقيق الاستقرار السياسي من جهة أخرى. مواجهة التضخم دون خنق النشاط الاقتصادي، واستعادة ثقة الأسواق، تمثل التحدي الأكبر أمام صانعي القرار في المرحلة المقبلة.