في إطار سعي المملكة العربية السعودية المستمر لدعم الابتكار والتفوق العلمي، أطلقت مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” وبشراكة استراتيجية مع وزارة التعليم، برنامج التأهيل للمشاركات الدولية في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي “إبداع 2025”. هذا البرنامج الذي انطلق اليوم الإثنين، يهدف إلى تدريب وتأهيل الطلاب والطالبات المشاركين في “إبداع 2025” للمشاركة في أكبر المعارض العلمية الدولية، مثل معرض ريجينيرن الدولي للعلوم والهندسة “آيسف 2025” في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك معرض تايبيه الدولي للعلوم “تايسف” في تايوان.
مستقبل الموهبة والابتكار في السعودية
تعتبر هذه الخطوة جزءًا من رؤية “موهبة” لتطوير قدرات الطلاب الموهوبين في المملكة، ومنحهم الأدوات والمهارات اللازمة لتأهيل مشاريعهم للمشاركة في مسابقات علمية دولية رفيعة المستوى. كما يسلط الضوء على مدى التزام المملكة بإحداث طفرة علمية تواكب أحدث التطورات على الساحة العالمية في مجال العلوم والهندسة.
وقد شهد البرنامج في دورته الحالية مشاركة 50 طالبًا وطالبةً من مختلف مناطق المملكة، منهم 19 طالبًا و31 طالبة من 15 إدارة تعليمية مختلفة. ويستمر البرنامج حتى 26 فبراير الجاري في مركز “مشكاة” التفاعلي بمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة في الرياض. يتم خلال هذه الفترة مراجعة مشاريع الطلاب من قبل مرشدين متخصصين، الذين يقومون بوضع خطة عمل لتحسين المشاريع وضمان جاهزيتها للمشاركة في المسابقات الدولية.
أهداف البرنامج وتأهيل المشاركين
يهدف البرنامج إلى تزويد المشاركين بالمهارات العلمية والبحثية اللازمة لتطوير مشاريعهم في مجالات العلوم والهندسة. ويتضمن البرنامج ورش عمل متعددة في مهارات الإلقاء، عروض المشاريع، والاطلاع على آلية التحكيم في المسابقات العلمية الدولية. كما يعكف المشاركون على دراسة الأخلاقيات العلمية التي يجب اتباعها أثناء إجراء التجارب الخاصة بهم، وهو ما يضمن تقديم أبحاث ومشاريع تلتزم بأعلى المعايير العلمية.
البرنامج السنوي الذي تنظمه “موهبة” يهدف بشكل خاص إلى إعداد الطلبة الفائزين في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي “إبداع” للمشاركة في معرض ريجينيرن الدولي للعلوم والهندسة “آيسف” في الولايات المتحدة ومعرض تايبيه الدولي للعلوم “تايسف” في تايوان، حيث يمثلان أحد أبرز المعارض العالمية التي تجذب مبدعي ومواهب العلوم من جميع أنحاء العالم.
نمو “إبداع” في السنوات الأخيرة
واحدة من النقاط البارزة في هذا العام هو الزيادة الكبيرة في عدد المشاركين في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي “إبداع”. حيث شهدت المملكة هذا العام مشاركة 291 ألف طالب وطالبة في مختلف المجالات العلمية، بنسبة زيادة بلغت 38% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس الوعي المتزايد في المملكة بأهمية البحث العلمي والابتكار.
ومع تقديم عشرات الآلاف من المشاريع العلمية في 22 مجالًا علميًا مختلفًا، تزداد الأهمية التي توليها المملكة لتطوير قدرات شبابها وتحفيزهم على التفوق في ميادين العلوم. ووفقًا لتصريحات مسؤولي “موهبة”، فإن هذا النمو الكبير في عدد المشاركين يعكس الرغبة المتزايدة لدى الشباب السعودي في استكشاف مجالات العلوم والهندسة، والتنافس على مستوى عالمي.
“موهبة” ودورها في تعزيز ثقافة البحث العلمي
لقد كانت مؤسسة “موهبة” حجر الزاوية في تنمية المهارات العلمية لدى الطلاب السعوديين. فهي تمثل إحدى أبرز المبادرات الحكومية التي تسهم بشكل فعال في نشر ثقافة البحث العلمي والابتكار في المملكة. ونتيجة لهذا التوجه، حققت “موهبة” العديد من الإنجازات المتميزة في السنوات الأخيرة، ومنها الحصول على 119 جائزة عالمية في 26 مسابقة دولية مختلفة خلال عام 2024 فقط، مما يبرهن على مدى التقدم الذي أحرزته المملكة في هذا المجال.
ويعتبر هذا الإنجاز شهادة على النجاح الكبير الذي تحقق في مجال رعاية الموهوبين السعوديين. وقد توجت هذه النجاحات العالمية بحصول المملكة على مراكز متقدمة في العديد من الأولمبياد والمنافسات العلمية الدولية. وفي خطوة أخرى لتوسيع آفاق المشاركة العلمية، قامت “موهبة” باستضافة أولمبياد الكيمياء الدولي لعام 2024، في حدث هو الأول من نوعه في المملكة، بمشاركة 333 موهوبًا وموهوبة من 90 دولة.
إشراك الطلاب في أولمبياد ومنافسات دولية
تسعى “موهبة” إلى تعزيز حضور المملكة في الأولمبيادات العلمية الدولية عبر تقديم فرص جديدة للمشاركين في المنافسات الدولية. في عام 2024، شاركت “موهبة” في خمسة أولمبياد دولية جديدة، ما يعكس توسع آفاق المشاركة وزيادة الفرص التعليمية والبحثية للطلاب السعوديين. كما أن مؤتمر “موهبة” العالمي الثالث للموهبة والإبداع، الذي أقيم تحت شعار “عقول مبدعة بلا حدود”، جمع 300 موهوبًا وخبيرًا من 50 دولة، ما يعد بمثابة منصة دولية لتبادل الخبرات وتطوير المهارات بين المشاركين.
دور المملكة في تعزيز الابتكار والتعليم
تدرك المملكة تمامًا أن الابتكار ليس مجرد مجال يقتصر على التكنولوجيا، بل هو جزء أساسي من بناء مستقبل مستدام وقادر على مواجهة التحديات العالمية. لذلك، تضع المملكة مؤسسات مثل “موهبة” في قلب جهودها لتطوير التعليم والتوجه نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة. ويشمل هذا الاستثمار في تعليم الشباب ودعمهم في السعي وراء التميز العلمي والتكنولوجي.
برنامج “إبداع” يساهم في تعزيز هذه الرؤية من خلال تمكين الطلاب من خلال التدريب، والإرشاد العلمي، والتوجيه الأكاديمي الذي يساعدهم على تحقيق النجاح في أكبر المسابقات العلمية العالمية. علاوة على ذلك، تشجع “موهبة” الطلاب على التفكير النقدي والتطوير المستمر لمهاراتهم البحثية والعلمية في مجالات متنوعة.
لذلك تعتبر مبادرة “موهبة” وبرنامجها التأهيلي للمشاركات الدولية يمثلان خطوة مهمة نحو تعزيز ثقافة البحث العلمي والابتكار في المملكة. من خلال هذه الجهود المستمرة، تسهم “موهبة” في تأهيل شباب المملكة ليكونوا قادة المستقبل في مجالات العلوم والهندسة. هذه المبادرات لا تقتصر فقط على الفوز بالجوائز الدولية، بل تهدف أيضًا إلى نشر ثقافة البحث العلمي وتشجيع الأجيال الجديدة على التفكير الابتكاري والتطلع لتحقيق إنجازات علمية غير مسبوقة على المستوى العالمي.
إن نتائج هذا البرنامج التأهيلي ستكون بمثابة أساس لمستقبل مشرق للطلاب السعوديين في عالم العلوم، وسيستمر في دفع المملكة نحو مكانة رائدة في المجالات العلمية والتكنولوجية على الساحة الدولية.