لعبت المملكة العربية السعودية دورًا بارزًا على الساحة العالمية في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، حيث شاركت في جلسة “الآمال الرقمية” التي نظمها الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
انعقدت هذه الجلسة في مدينة نيويورك، على هامش أعمال “قمة المستقبل” التي تسلط الضوء على التحديات والفرص المستقبلية. وقد مثّل المملكة في هذا الحدث معالي المهندس عبدالله بن عامر السواحه، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس مجلس إدارة هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، إلى جانب الدكتور محمد بن سعود التميمي، محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية.
وتأتي مشاركة المملكة العربية السعودية في هذا الحدث امتدادًا لجهودها المستمرة لتعزيز مكانتها كقوة دولية في قطاع الاتصالات والتقنية. فقد أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا بتبني أحدث التقنيات الرقمية والاستثمار فيها، بهدف بناء بنية تحتية قوية تلبي متطلبات المستقبل. ويرتبط هذا التوجه برؤية المملكة 2030 التي تضع الابتكار التكنولوجي في صلب جهود التنمية المستدامة وتعزيز النمو الاقتصادي.
يهدف الحدث إلى تعزيز فهم أعمق لدور التقنيات الرقمية في بناء مستقبل أكثر استدامة وشمولية، حيث استقطب نخبة من القادة الحكوميين والمجتمع المدني والأكاديميين والقطاع الخاص. ومن بين المواضيع التي تم تناولها، الاتجاهات المستقبلية للتكنولوجيا الناشئة والمخاطر المحتملة لهذه التقنيات، بالإضافة إلى الفرص التي توفرها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي تصريحٍ أدلى به المهندس السواحه على هامش الجلسة، قال: “تسعى المملكة إلى تعزيز دورها الريادي في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات على المستوى الدولي، وتلتزم بتوظيف التقنيات الرقمية لتشكيل مستقبل أكثر استدامة ومسؤولية.”
فقد أصبح من الواضح أن التحولات الرقمية تمثل فرصة لا مثيل لها للدول الطامحة في تعزيز قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية. وقد أشار تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والجيل الخامس (5G) ستلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الاقتصادات الرقمية.
وفي هذا السياق، أكدت المملكة أن استثمارها في هذه التقنيات لا يقتصر فقط على البنية التحتية بل يتعداه إلى بناء القدرات البشرية الوطنية. يُذكر أن المملكة قد أطلقت عددًا من البرامج التي تهدف إلى تطوير المهارات الرقمية للشباب وتوسيع نطاق الابتكار، مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة في تبني التكنولوجيا الناشئة على مستوى العالم.
ومن خلال تغريدة نشرها الدكتور التميمي، قال: “إن الاستثمارات المستدامة في البنية التحتية الرقمية والتعليم هي المفتاح لبناء اقتصاد مزدهر يعتمد على المعرفة.”
تأثير المشاركة الدولية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة
تأتي مشاركة المملكة في هذه الجلسة الدولية ضمن استراتيجية أوسع لتحقيق التعاون الدولي في مجالات التكنولوجيا والاتصالات. إذ تعي المملكة جيدًا أن التعاون مع الدول والمنظمات الدولية يعد حجر الزاوية لتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة. وتؤمن القيادة السعودية بأن التقنيات الرقمية تشكل أداة قوية لتحسين نوعية الحياة، سواء كان ذلك من خلال تعزيز الصحة الرقمية، أو تحسين التعليم، أو حتى توفير بيئة أعمال مبتكرة.
أحد الأهداف الأساسية للجلسة كان تسليط الضوء على كيفية تسخير هذه التقنيات الرقمية لدعم مبادرات التنمية في الدول النامية. وقد أشار العديد من المشاركين إلى أن التحديات الرئيسية التي تواجه تبني التكنولوجيا في هذه الدول تشمل نقص الموارد البشرية المؤهلة، وضعف البنية التحتية، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني.
وفي هذا السياق، أبدت المملكة استعدادها لتقديم الدعم والمساعدة من خلال برامج تعاون مشترك، سواء كان ذلك عبر استثمارات في البنية التحتية أو تبادل الخبرات. وأكد المهندس السواحه في تصريحاته أن المملكة ستواصل العمل مع شركائها الدوليين لتطوير حلول مستدامة تتماشى مع الأهداف العالمية.
لذا يمكننا القول أن السعودية تمضي بخطوات واثقة نحو المستقبل الرقمي، حيث تضع نصب أعينها ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا لخدمة الإنسان والمجتمع. ومن خلال مشاركتها الفعالة في جلسة “الآمال الرقمية”، أكدت المملكة من جديد عزمها على أن تكون جزءًا أساسيًا من هذه التحولات العالمية.
ومن المتوقع أن تستمر السعودية في لعب دور محوري في تعزيز السياسات الرقمية على المستوى الدولي، حيث تتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة لتطوير حلول تقنية تساهم في تعزيز الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للشعوب.
وختم المهندس السواحه حديثه قائلًا: “التقنيات الرقمية ليست مجرد أدوات، بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه الاقتصادي للجميع. ونحن ملتزمون بتحقيق هذه الرؤية بالتعاون مع شركائنا الدوليين.”
الخلاصة
تجسد مشاركة المملكة في جلسة “الآمال الرقمية” رؤية مستقبلية تستند إلى تعزيز الابتكار والتعاون الدولي من أجل بناء عالم أكثر استدامة وشمولية. من خلال توظيف أحدث التقنيات الرقمية والاستفادة من شراكاتها الدولية، تسعى المملكة إلى إحداث تأثير إيجابي يعزز دورها كقوة عالمية في مجال التكنولوجيا.
المستقبل الرقمي يبدو واعدًا، والمملكة، بما تتمتع به من رؤية طموحة وقدرات متطورة، تبدو مستعدة للريادة في هذا التحول.