وصف المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، يوم الثلاثاء، قرار “حركة طالبان” في أفغانستان منع الفتيات من التعليم الثانوي والجامعي بأنه خطوة أخرى بعدم الوفاء بالوعود التي قطعتها طالبان عندما استولت على الحكم قبل أكثر من سنة.
وجاءت تصريحات دوغاريك رداً على أسئلة صحافية حول الموضوع خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وقال دوغاريك: “رأينا، منذ استيلاء طالبان على السلطة، وفي الأشهر الماضية أيضاً، تقييد المساحة المتاحة للنساء (في الحيز العام)، ليس في التعليم فحسب، بل في الوصول إلى الأماكن العامة، وكذلك عدم مشاركتهن في النقاش العام. إنها خطوة أخرى مقلقة للغاية، ومن الصعب تخيل كيف يمكن لبلد أن يتطور، وأن يمكنه التعامل مع جميع التحديات التي يواجهها دون المشاركة النشطة للمرأة وتعليمها”.
وفي سياق منفصل، قدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أرقاماً مفزعة عن الوضع الإنساني في أفغانستان، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك في اجتماعه الدوري حول الوضع في أفغانستان.
وقال غريفيث إن “97 بالمئة من الأفغان يعيشون في فقر، ويحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، ويواجه عشرون مليون شخص الجوع الحاد، كما أن نصف السكان بحاجة ماسة إلى المياه النظيفة والصرف الصحي”.
وعن وضع النساء والفتيات، أشار مساعد الأمين العام إلى أن “أكثر من مليون فتاة إلى هذه اللحظة ممنوعات من الذهاب للمدارس الثانوية. لا يزال ما يقرب من 7 ملايين أفغاني في البلدان المجاورة، بمن فيهم اللاجئون، وهناك أكثر من 3.4 مليون نازح داخلياً بسبب الصراع، وما زالوا ينتظرون حلاً”.
وبالإضافة إلى الصراع المستمر والفقر والانهيار الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي، فإن أفغانستان تواجه كذلك أزمة مناخية متفاقمة.
وفي هذا السياق، لفت غريفيث الانتباه إلى أن “أفغانستان تشهد موجة جفاف ثالثة مصحوبة بتهديدات بمزيد من النزوح ومزيد من الأمراض وارتفاع في أعداد الوفيات. وفي مناطق أخرى، فإن انخفاض درجات الحرارة مستمر، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 10 درجات مئوية تحت الصفر في المناطق النائية من مقاطعة غور، التي تم تصنيفها في وقت سابق من هذا العام باعتتبارها وصلت إلى ظروف ما قبل المجاعة”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأمم المتحدة تمكنت من تقديم المساعدات لقرابة 25 مليون شخص، ولفت الانتباه إلى “أن صندوق الأمم المتحدة الإنساني حصل على 1.8 مليار دولار هذا العام لدعم العمليات الإنسانية، مما ساعده على ضخ أكثر من 55 مليون دولار أميركي في الاقتصاد كل شهر، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين في مؤسسات وطنية توظف عشرات الآلاف من الموظفين في المنظمات الإنسانية الشريكة، كما ساهمت في توفير فرص عمل”.
وشدد المتحدث على أن الاستثناء الذي أقره مجلس الأمن من العقوبات المفروضة على أفغانستان للمجال الإنساني وتقديم المساعدات الإنسانية والتعاملات ذات الصلة، في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2021 في قراره رقم 2615، لعب “دوراً مهماً وحاسماً في التسهيلات الضرورية لعمل الأمم المتحدة في هذا المجال”.
وأشار غريفيث كذلك إلى التحديات التي تواجه الأمم المتحدة في التعامل مع “طالبان”، قائلاً: “بينما نحافظ على التواصل البنّاء مع سلطات الأمر الواقع، فإننا نواجه أيضاً تدخلات وقيودا روتينية”.
ولفت الانتباه في هذا السياق إلى عدد من الخطوات التي اتخذتها “طالبان”، والتي تعرقل عمل المنظمة الأممية وتعاملاتها معهم، من ضمنها “احتجاز العاملين في المجال الإنساني، ومحاولة التأثير أو السيطرة على (عمليات) الاستجابة الإنسانية، وتقييد حرية المرأة في الحركة والمشاركة في العمل الإنساني”.
وأكد غريفيث على أن “شرط “المحرم” على وجه الخصوص هو أكثر ما يعيق مشاركة المرأة في العمل الإنساني ويؤثر سلباً على مقدرة المرأة الحصول على الخدمات (الأساسية)”، مضيفاً أن “هنالك تقارير مقلقة من ولاية هلمند عن أمور أخرى، من بينها منع النساء من دخول المرافق الصحية عندما لا يكن برفقة محارم”.
وأشار كذلك إلى أن البنوك ما زالت تواجه تحديات في تعاملاتها على الرغم من الاستثناءات المتعلقة بالمعاملات الإنسانية، وشرح في هذا السياق أن “الاستثناء الإنساني كان شرطاً ضرورياً، لكنه غير كاف للبنوك لإعادة بدء المعاملات الدولية بالكامل من أفغانستان وإليها، وذلك بالنظر إلى مجموعة العوامل التي لا تتعلق بالعقوبات التي يأخذونها بعين الاعتبار عند تحديد ما إذا كان سيتم تسهيل المعاملة أم لا”، مضيفاً: “هذه مشكلة جدية وخطيرة على الرغم من تخفيف التحديات لتحويل الأموال إلى أفغانستان من قبل المنظمات الإنسانية، بعد تبني القرار السابق، إلا أنها ما زالت موجودة وجدية”.
وأكد على أن الأمم المتحدة ستحتاج إلى 4.6 مليارات دولار العام القادم لتلبية الاحتياجات الإنسانية للبلد بشكل مناسب، مشدداً في الوقت ذاته على أنه رغم وجود احتياجات كبيرة وملحة في العديد من المناطق حول العالم، إلا أنه “لا يمكننا التهوين من عواقب انخفاض تمويل العمليات في أفغانستان”.
ومن جهتها، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لأفغانستان روزا أوتونباييفا، خلال إحاطتها في نفس الجلسة أمام مجلس الأمن، إن “”طالبان” ما زالت تسيطر بشكل أساسي على أفغانستان، لكنها غير قادرة على التصدي بشكل مرض للجماعات الإرهابية العاملة في البلاد”، مشددةً على أن السبيل الوحيد للمضي قدماً في أفغانستان هو “من خلال نظام حكم أكثر تعددية، حيث يرى جميع الأفغان (خاصة النساء والأقليات) أنفسهم ممثلين، ولهم صوت حقيقي في صنع القرار”، قائلة: “لكن أفغانستان حالياً بعيدة عن ذلك”.